{ .. كـأول مـرة ~

{ .. كـــــأول مـــــرة ~

أول فكرة خطرت على بالها أنه لم تكن هناك رياح ..

الوضع غريب ، أول يوم من الربيع والهدوء يلتهم المكان .. !

شعرت ببعض الريبة وعدم الطمأنينة ، أن تقف في روض أخضر، يعبأ برائحة الزهور المنعشة ، التي اشتاقت لدفئ الشمس بعد سباتها الطويل في فصل الشتاء ، دون أن تشعر بهمسات النسيم الدافئة !

وقفت بين الزهور الشامخة التي تتطلع لضوء الشمس ،  متسألة عن كيفية وصلها هنا !

مسحت الأرجاء بنظرهـا ، فاقدة الإحساس بالوقت الذي يمضي ، قبل أن تهيم عابرة بين البحر اللا متناهي من الزهور ..

    

على مد بصرها رأت شجرة كرز ،  بورودها الزهرية المتساقطة ..

شيء ما جذبها إلى تلك الشجرة ، لم تكن تعرف ما هو , لكنه حتماً شيئاً مهم ..

أجتاحها الشعور لمعرفة ما الذي تداريه ضخامة تلك الشجرة ، لطالما كانت تلك المشاعر تجتاحها في أيام الصبا ، نفس الشعور الذي انتابها عندما رأته لأول مرة ..

تمنت من داخلها أن يكون شعورها في محله _ و لقد كان _  فقد تاقت لرؤيته بعد تلك السنوات المريرة، احتاجت أن تتأمله كما اعتادت ..

رأته جالساً برزانته المعتادة على مقعد خشبي بجانب تلك الشجرة ، ولكأنها تراه لأول مرة ،       وخزها قلبها ..

مازال في ريعان شبابه ،  بشعره ذو لون الشوكولاتة الداكنة ، المتناثر ، زرقه عيناه التي لطالما أرادت أن تسبح بداخلها ، ونظراته المشفرة التي حلمت دوماً أن تفكها ..

رُسِمَت على وجهها ابتسامة مشرقة وساطعة ، حتى ظهرت التجاعيد حول عيناها عندما التفتَ إليها و تشابكت عيناهما ..

"مرحـبـاً .. " أجابها بهمسة خافتة و شبه ابتسامة ..
" أكنت تنتظرني طوال تلك المدة .. ؟؟ "

 لمعت عيناها في انتظار جوابه ..

" سوف أنتظرك للأبد " انحنت شفتاه بابتسامة دافئة .. و اتسعت ابتسامتها في المقابل ..

حاولت الوصول إلى يده ،  لتتشابك أصابعهما معاً ..

جلسا في صمت مريح لمدة طويلة ، فقدا فيه احساسهما بالوقت ..

عادت لتفكر في اشتياقها لنسائم الربيع .. " لقد إفتقدتك .. كثيراً "  مرت عدة ثواني أو دقائق " كنت أتمنى لو قضينا مزيداً من الوقت معاً .. " قالت بنبرة يجتاحها الحزن و تساءلت إذا كان باستطاعتها أن تبكي هنا ..

" ربما في المرة المقبلة " أتاها جوابه بنفس نبرتها وتعجبت ، فلم تعتد أن تسمع هذه النبرة منه ..

" ربما .. " خرجت من ثغرها كهمسة ..

" أنرحل معاً الآن .. ؟؟ " سألها بإيماءة صغيرة ، انفرج فمها بضحكة خفيفة ، لقد اشتاقت لتلك الإيماءات الصغيرة العفوية التي يطلقها بتلقائية ..

وقفا معاً و مازالت أصابعهما متشابكة ..

مسدت بيدها الحرة على فستانها الأبيض الحريري الطويل وقد شعرت أخيراً بنسائم هادئة داعبت شعرها الطويل الذي بدأ يغزوه الشيب ، لمعت عيناها في سرور ..

" شكراً لإنتظاري .. "

أجابها بهمسته المعتادة التي عشقتها دوماً ..

مشيا بسلام ، و بخطوات هادئة و ثابتة ممسكان بأيدي بعضهما باتجاه النور ..

{.. تــــــمـــــت ..

بـقـلـمـي .. }

أرائكم .. ؟!